فى افتتاحية العدد 166 من مجلة البناء طرح المهندس إبراهيم عبد الله أبا الخيل رئيس تحرير المجلة
سؤالاً … لماذا لا يوجد لدينا مبدعون في العمارة ..؟! كان هذا السؤال عنواناً للإفتتاحية التى قال فيها :
” أقف أحياناً حائراً أمام مجموعة من الأسئلة الذاتية، لأنه لايوجد من يسأل أصلاً عن العمارة وقضاياها المتعددة رغم أهميتها الثقافية والاقتصادية، وهي أسئلة تتعلق بما ننتجه من عمارة ، وعلى الأخص من ينتج هذه العمارة ، وهل هو على قدر كاف من المهارة والإبداع. في البداية أود أن أذكر أن هذه الأسئلة تراودني منذ فترة طويلة ، وبالتحديد منذ بداية ممارسة العمارة في المملكة. فأنا أحد الذين عاصروا تلك البدايات ، وكنت متحمساً لها .. فقد كان هناك شيء ما يتحرك في نفوس المهتمين بهذه المهنة الجديدة في بلد يعيش تحولاً نحو المدنية والحداثة.. كنت أشعر بلمعة في عيون أولئك المتحدثين عن العمارة في بلادنا في السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي.. لمعة تعبر عن حماس داخلي، وإيمان بمهنة وليدة تجعل أصحابها رواداً للمجتمع.. على أن تلك البدايات ظلت مجرد بدايات، بل إن ذلك الشيء الذي كنت أشعر به يتحرك في نفوسنا قد مات.. فرغم توسعنا في التعليم المعماري ، ورغم «تراكم الخبرة المعمارية» على الأقل من حيث الكم، لم نرى مبدعين بيننا في مجال العمارة.. وهذا ماجعل السؤال يتضخم في ذهني مع مرور الوقت ، خصوصاً أنني مسؤول عن مجلة عاصرت التحول العمراني ( ليس فقط في المملكة ولكن في منطقة الخليج والعالم العربي)؛ مما جعلني قريباً من كثير من التفاصيل التي جعلتني على قناعة أننا نعيش أزمة إبداع معماري،وهي أزمة لا أجد لها تفسيراً واضحاً ، كونها مرتبطة بآليات المجتمع ومؤسساته التعليمية والمهنية. ولو حاولنا أن نجعل كلامنا محدداً ، ونبحث في تاريخ هذه الأزمة فسوف نجد أن الأسماء اللامعة بعد حسن فتحي أنقطعت ، ولم يخرج من بيننا معماري له تأثير ( إلا أولئك الذين مارسوا المهنة في الغرب ، مثل زها حديد في بريطانيا، و بعض المعماريين المصريين الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية) ومن عداهم تظل مجرد أسماء تاريخية لم تترك أعمالهم أثراً على مسار العمارة العربية ، ولن أقول العالمية. بل إن أعمال بعض المعماريين العرب المعروفين كرست التقليدية، وصارت تدور في فلك معروف سلفاً لايدفع للإبداع ، ويذكرنا بتوقف الاجتهاد في الحضارة العربية في القرون الوسيطة التي أصابت تلك الحضارة بالجمود.. وجعلتها تكرر نفسها بصورة مملة تدفع للتخلف. هذا المشهد الذي يصيب المتابع بالحسرة يتصاعد في مخيلتي ، كلما قمنا بنشر مسابقة معمارية محلية أو عربية. فإما أن تكون المسابقة لا لون لها ولا طعم ، لأن المتسابقين عرب، أو أنها تذهب لمعماريين من الخارج ولاندعي أن كل المشاريع التي تذهب للخارج فيها إبداع، ولكن بالتأكيد أن أغلب المشاريع التي يتقدم بها معماريون عرب يندر أن تكون متميزة. هذه الظاهرة التي تزيدنا حيرة لانجد لها تفسيراًواحداً .. فهل نندب حظنا «التعليمي» الذي يخرج لنا أنصاف معماريين، أم نصرخ بأعلى صوتنا ونقول إن مناخ ممارسة العمارة لايدفع إلى الإبداع ، وبالتالي فهو لاينتج مبدعين. ومع أنني أرى أن القضية أكبر من مجرد هذا التعليق على ظاهرة تخترق جوهر العمارة لدينا، إلا أنني أردت أن يشاركني القراء في هذا الهّم، وأن يتساءلوا مثل ما نتساءل مع كل عدد من أعداد مجلة البناء .. أين المعماريون المبدعون في العالم العربي ؟! … انتهى كلام المهندس أبراهيم أبا الخيل …
وأنا هنا أحاول طرح وجهة نظرى … ربما نجد تفسيراً ونشخص الداء لعلنا نجد له الدواء .
إن ما تطرق إليه المهندس أبراهيم أبا الخيل من فراغ الساحة المعمارية من المبدعين العرب ليثير شجون كل معمارى عربى طموح وإن هذا الموضوع لجدير بالطرح والدراسة والنحليل لمعرفة الأسباب والوقوف على السلبيات والمعوقات التى تحول دون بروز العقلية المعمارية العربية وتأثيرها على الساحة العربية إن لم نقل على الساحة الدولية.
إن عملية الإبداع المعمارى تتوقف على عاملين رئيسيين يجب أن يتواجدا على أرض الواقع حتى يتسنى لعملية الإبداع المعمارى أن تتبلور وتبرز وتطفو على السطح ومن ثم تترجم إلى نتاج معمارى متميز ذو بصمة واضحة تعبر عن هويتنا وشخصيتنا المعمارية وتفرز أعمالاً تعبر عن تطور حضارتنا بلغة العصر الذى نعيش فيه.
العامل الأول ذاتى خاص بالمعمارى نفسه والعامل الثانى عبارة عن المؤثرات الخارجية والبيئة المحيطة بالمعمارى.
إن ما تطرق إليه المهندس أبراهيم أبا الخيل من فراغ الساحة المعمارية من المبدعين العرب ليثير شجون كل معمارى عربى طموح وإن هذا الموضوع لجدير بالطرح والدراسة والنحليل لمعرفة الأسباب والوقوف على السلبيات والمعوقات التى تحول دون بروز العقلية المعمارية العربية وتأثيرها على الساحة العربية إن لم نقل على الساحة الدولية.
إن عملية الإبداع المعمارى تتوقف على عاملين رئيسيين يجب أن يتواجدا على أرض الواقع حتى يتسنى لعملية الإبداع المعمارى أن تتبلور وتبرز وتطفو على السطح ومن ثم تترجم إلى نتاج معمارى متميز ذو بصمة واضحة تعبر عن هويتنا وشخصيتنا المعمارية وتفرز أعمالاً تعبر عن تطور حضارتنا بلغة العصر الذى نعيش فيه.
العامل الأول ذاتى خاص بالمعمارى نفسه والعامل الثانى عبارة عن المؤثرات الخارجية والبيئة المحيطة بالمعمارى.
العامل الأول
فإذا تناولنا العامل الأول , والخاص بالمعمارى نفسه ومدى تأثيره على بلورة عملية الإبداع المعمارى لديه .. فأنا أقصد مدى الإستعداد الشخصى للمعمارى ذاته من حيث امتلاكه لصفات تؤهله للإنتقال من مرحلة الدراسة والبحث والتلقى والنقل والتقليد والمحاكاة وصولاً إلى مرحلة الإضافة والتجديد والإبتكار حتى يرقى إلى مستوى الإبداع المعمارى الخلاق . وهذا يتطلب توافر صفات معينة ضرورية فى ثنايا الشخصية المعمارية كتوفر الموهبة الفطرية لديه وتميزه بملكة الخيال المعمارى الواسع وأن يكون لماحاً يلمح الأشياء ببصر وبصيرة تختلف عن الآخرين وعلى إطلاع دائم بكل ما له علاقة بالمجال .
كما يجب أن يكون صبوراً مثابراً دؤباً لايكل ولايمل من محاولة التجديد والإبتكار , جريئاً فى طرح أفكاره ووجهة نظره عن علم ودراية , لايترك لليأس مجالاً ولا للنقد الهدام تأثيراً .. وخصوصاً أننا جميعاً نقاد والقليل منا من يتسم بالموضوعية .
فإذا تناولنا العامل الأول , والخاص بالمعمارى نفسه ومدى تأثيره على بلورة عملية الإبداع المعمارى لديه .. فأنا أقصد مدى الإستعداد الشخصى للمعمارى ذاته من حيث امتلاكه لصفات تؤهله للإنتقال من مرحلة الدراسة والبحث والتلقى والنقل والتقليد والمحاكاة وصولاً إلى مرحلة الإضافة والتجديد والإبتكار حتى يرقى إلى مستوى الإبداع المعمارى الخلاق . وهذا يتطلب توافر صفات معينة ضرورية فى ثنايا الشخصية المعمارية كتوفر الموهبة الفطرية لديه وتميزه بملكة الخيال المعمارى الواسع وأن يكون لماحاً يلمح الأشياء ببصر وبصيرة تختلف عن الآخرين وعلى إطلاع دائم بكل ما له علاقة بالمجال .
كما يجب أن يكون صبوراً مثابراً دؤباً لايكل ولايمل من محاولة التجديد والإبتكار , جريئاً فى طرح أفكاره ووجهة نظره عن علم ودراية , لايترك لليأس مجالاً ولا للنقد الهدام تأثيراً .. وخصوصاً أننا جميعاً نقاد والقليل منا من يتسم بالموضوعية .
العامل الثانى
وهو عبارة عن المؤثرات التى تؤثر فى تشكيل المعمارى وتحديد اتجاهاته وأفكاره
1- بدءاً من العملية التعليمية التى هى بمثابة عامل مؤثر قوى فى تشكيل شخصية واتجاهات المعمارى بما يتلقى فيها من مناهج معمارية بالإضافة إلى تأثير إتجاهات أعضاء هيئة التدريس وميولهم المعمارية المختلفة على طلبة العمارة سواء باعتبارهم القدوة والمثل أو فى بعض الأحيان قد يرى الطالب أنه مجبر على أن ينتهج وجهة نظر استاذه ليضمن النجاح .. وأنا لا أعتقد أن المقررات والمناهج وطرق التدريس المتبعة فى معظم جامعاتنا إن لم نقل جميعها لا تؤدى فى النهاية إلى تخريج معمارى متمكن قادر أن يضع قدمه على بداية طريق الإبداع الخلاق , بل تخرج أجيالاً من أنصاف المعماريين محدودى الرؤى والأفق والخيال , مفتقدين للربط بين الدراسة النظرية والتطبيق العملى ,
وهو عبارة عن المؤثرات التى تؤثر فى تشكيل المعمارى وتحديد اتجاهاته وأفكاره
1- بدءاً من العملية التعليمية التى هى بمثابة عامل مؤثر قوى فى تشكيل شخصية واتجاهات المعمارى بما يتلقى فيها من مناهج معمارية بالإضافة إلى تأثير إتجاهات أعضاء هيئة التدريس وميولهم المعمارية المختلفة على طلبة العمارة سواء باعتبارهم القدوة والمثل أو فى بعض الأحيان قد يرى الطالب أنه مجبر على أن ينتهج وجهة نظر استاذه ليضمن النجاح .. وأنا لا أعتقد أن المقررات والمناهج وطرق التدريس المتبعة فى معظم جامعاتنا إن لم نقل جميعها لا تؤدى فى النهاية إلى تخريج معمارى متمكن قادر أن يضع قدمه على بداية طريق الإبداع الخلاق , بل تخرج أجيالاً من أنصاف المعماريين محدودى الرؤى والأفق والخيال , مفتقدين للربط بين الدراسة النظرية والتطبيق العملى ,
2- عدم توفر المراجع والأبحاث العربية اللازمة ( فقر المكتبة العربية ) … والإعتماد على المراجع والأبحاث الأجنبية ( إذا توفر البعض منها فى مكتبات الجامعات ) فالمؤلفات العربية فى هذا المجال محدودة جداً وتكاد تكون منعدمة إلا ماندر منها ومعظمه منقول أومترجم من أصول أجنبية , ولا توجد مجلات معمارية سوى مجلة البناء ومجلة تصميم ومجلة عالم البناء التى توقفت عن الصدور بعد وفاة الدكتور عبد الباقى إبراهيم , هذا مما يجعل المعمارى يستقى معلوماته وأفكاره من منابع لأفكار واتجاهات مختلفة .
3- عدم توفر البيئة المناسبة والمناخ الملائم الذى يساعد على النبوغ والإبداع المعمارى .. ويتمثل ذلك فى عدم وجود التشجيع والتقدير اللازم من الدولة أو من الأفراد حيث انحطاط الوعى والثقافة المعمارية فى بلادنا , وعدم تقدير الفكر والإبداع والإفتقاد إلى إتحاد للمعماريين العرب يلم شملهم ويعلى صوتهم ويتبنى ويشجع المبدعين منهم ” والجدير بالذكر أنه تم طرح هذا الموضوع بشبكة المهندسين العرب “.
4- اختراق المعماريين الأجانب وهيمنتهم على المشروعات الهامة بالوطن العربى مما يقلل من الفرص المتاحة للمعماريين العرب لإثبات الوجود وابراز أفكارهم وإبداعاتهم .. وذلك يرجع إلى (عقدة الخواجة) حيث الثقة المفرطة فى المعمارى الأجنبى عنه فى المعمارى العربى الذى يجد صعوبة بالغة ونقد لازع عند طرح وجهة نظره أو حين يحاول وضع فكرة جديدة حيز التنفيذ .
ولقد كانت لى تجربة شخصية عندما شاركت الفريق النرويجى فى إعداد الرسومات والمخططات التنفيذية لمشروع إحياء مكتبة الأسكندرية .
- هذا مع اعتماد المكاتب الهندسية بدول الخليج على مهندسين وفنيين من دول جنوب شرق آسيا كالفلبين والهند وغيرها ساهم بشكل أو بآخر فى أن يتك هؤلاء بصماتهم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة المنتشرة فى دول الخليج مع اختلاف الثقافة واإتجاه , وحد ذلك من فرصة المعماريين العرب والشباب منهم على وجه الخصوص .
ولقد كانت لى تجربة شخصية عندما شاركت الفريق النرويجى فى إعداد الرسومات والمخططات التنفيذية لمشروع إحياء مكتبة الأسكندرية .
- هذا مع اعتماد المكاتب الهندسية بدول الخليج على مهندسين وفنيين من دول جنوب شرق آسيا كالفلبين والهند وغيرها ساهم بشكل أو بآخر فى أن يتك هؤلاء بصماتهم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة المنتشرة فى دول الخليج مع اختلاف الثقافة واإتجاه , وحد ذلك من فرصة المعماريين العرب والشباب منهم على وجه الخصوص .
5- انعدام المسابقات المعمارية بعد تدهور شديد فى نطاق الطرح والتنظيم والتحكيم … والمسابقات المعمارية مجال خصب للإبداع المعمارى والأفكار الجديدة والجريئة .. على أن تتيم بالشفافية والحيدة والموضوعية , وأن يكون المنظمون ولجان التحكيم على المستوى المطلوب وأن يتم عقد مؤتمرات ولقاءات لعرض وشرح الأعمال المقدمة للمسابقة والفائزة منها بالجوائز الأولى ومناقشتها لكى يتم الإستفادة منها .
6- وجود تشريعات بنائية متخلفة لم تخضع للتطوير برغم ما حدث من تطور فى شتى مجالات الحياة .
0 التعليقات: